صالح «كورونا» العام

صالح «كورونا» العام

المغرب اليوم -

صالح «كورونا» العام

أمينة خيري
بقلم : آمينة خيري

الخير الذى تدفق على أيادى «كورونا» غير مسبوق. والجانب الإنسانى الذى ظننا أنه تبخر فى هواء الحياة العملية، وعصفت به رياح الرأسمالية والمطاحنات الاقتصادية هو البطل الحقيقى فى وباء «كوفيد- 2019». والكشف المضىء والعمل الجليل والإنجاز العظيم الذى يقدمه لنا هذا الفيروس اللعين هو أن المواطن العادى فى كل بقعة من بقاع الكوكب مازال يحتفظ بجوهر البشرية ألا وهو التعاطف والحب غير المشروط وتمنى الخير غير المرتبط بالعرق والجنس واللون والمعتقد.

بالطبع هناك استنثاءات. لكن حتى الاستثناءات كاشفة ومبهرة. المؤكد أن هناك من يدعو الله أن ينجيه وأمة اليهود، أو ينقذه وأمة المسيحيين، أو يأخذ بيده وأمة المسلمين، أو يكتب له السلامة وأمة بوذا، أو ينجو بنفسه وأمة الهندوس، أو يفلت من الوباء وأمة السيخ وهلم جرا. وهناك من يحاول أن يحافظ على ما لقنوه من كراهية وما زرعوا فيه من فوقية وما زرعوا فيه من أفكار شعبوية دينية أقنعته بأنه وحده الموعود بالجنة والمحجوز له صكوك المغفرة، فيدعو علناً «أتمنى النجاة للبشرية خصوصاً أمة السيخ أو جماعة الكونفوشيوسيون»، لكن يبقى ما فى القلب فى القلب.

والقلب هو ما يعنينا فى هذه الأزمة الأممية. فبدءاً بالسياسات المختلفة التى اتبعتها الدول لمواجهة الوباء، وما يكتنفها من عوامل أخلاقية أو يراها البعض تفتقد الأخلاقية، خذ عندك مثلاً مفهوم مناعة القطيع فى بريطانيا، مروراً بدور الطواقم الطبية المتفانية رغم شح الإمكانات المتاحة لها بما فيها بديهيات الكمامات، وانتهاء بطواقم المتبرعين بالوقت والمجهود والمخاطرة من المواطنين العاديين، لا سيما الشباب من الجنسين لمساعدة غير القادرين على التسوق مثلاً، تكشف الشعوب (باستثناء أولئك الذين يختصون أنفسهم بالدعاء) عن وجهها الإنسانى المتوحد تماماً تحت راية الخطر الواحد.

الخطر الواحد الذى وحد المليارات ممن احتفظوا بقلوبهم البشرية غير المفرقة بين مسلم ومسيحى وبوذى كشف عن وقوف الشعوب على جبهة مغايرة لتلك التى تقف عليها السياسة والساسة والمصالح الاقتصادية وتناحرات الهيمنة والسيطرة سواء بدافع القوى العظمى أو جماعات البارانويا الدينية. الأمر هنا لا يتعلق بما تتخذه حكومات الكوكب من إجراءات، لكنه يتعلق بإماطة الأتربة والصدأ والشوائب التى علقت بالبشر بفضل هذا الفيروس.

الكاتب الأمريكى الشهير توماس فريدمان فى مقاله فى نيو يورك تايمز يوم 24 الجارى يسأل صديقه الأستاذ فى جامعة هاردفارد والفيلسوف السياسى مايكل ساندال عن مفهوم الصالح العام الذى بزغ فى زمن كورونا، فقال: الصالح العام يعنى كيف نعيش معاً فى مجتمع ما. هو يتعلق بالمثل الأخلاقية التى نسعى إليها، والفوائد والأعباء التى نتشاركها، والتضحيات التى نقدمها لبعضنا البعض، والدروس التى نتعلمها حول كيفية العيش بطريقة كريمة. كل ما سبق بعيد تماماً عما نراه فى عالم السياسة. وعموماً، يبقى مفهوم الصالح العام كغيره من المثل الأخلاقية قابلاً للنقاش والاختلاف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صالح «كورونا» العام صالح «كورونا» العام



GMT 19:41 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الاهتمام بلبنان في ظلّ إعادة تأسيسنا صاروخيّاً!

GMT 19:39 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثية الكويت

GMT 19:36 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة لجنة التحقيق!

GMT 19:35 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

فكرة بديلة فى الرى!

GMT 19:32 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

ما نعرفه حتى الآن

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 22:46 2016 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

وزارة الشباب والرياضة المغربية تلغي قرار ترقية السكتيوي

GMT 02:01 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

" ألوان الصيف" معرض تشكيلي بفنون الأحساء

GMT 05:16 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

5 سيارات أسعارها تتجاوز الطائرات

GMT 04:38 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

الرئيس الأميركي يطالب بتعزيز الأمن الحدودي في قانون الهجرة

GMT 05:16 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

الصين تستعمل الهواتف الذكية لمعرفة هوية الأشخاص

GMT 12:09 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

تعيين مصطفى كشاف حكمًا لمباراة طنجة والدفاع الجديدي

GMT 21:40 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

تأهل براعم حسنية أغادير للدور الثالث من كأس عصبة سوس

GMT 21:20 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

طارق الخالدي يستعد لتصوير مسلسله الجديد "وصال"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya