من أصعب السنوات المقبلة على لبنان

من أصعب السنوات المقبلة على لبنان

المغرب اليوم -

من أصعب السنوات المقبلة على لبنان

بقلم : خير الله خير الله

ستكون السنة 2018 من أصعب السنوات المقبلة على لبنان الذي يتعرّض لأشرس هجمة على نظامه السياسي وانتمائه العربي ومستقبله كبلد متعدد الطوائف والمذاهب، وذلك منذ اغتيال رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط – فبراير 2005.

هل ينجح قتلة رفيق الحريري في 2018 في تنفيذ ما فشلوا فيه في 2005؟ يبدو ذلك المطروح على اللبنانيين الذين يظهر أن عليهم أن يواجهوا وحيدين الهجمة الجديدة والمتجددة على بلدهم. اللبنانيون وحيدون على الرغم من كل ما يقال عن غطاء دولي يحمي الاستقرار النسبي الذي ينعمون به إلى الآن.

بدأت الهجمة الجديدة على لبنان عمليا في خريف عام 2004 يوم تعرّض النائب والوزير مروان حماده لمحاولة اغتيال بواسطة سيارة مفخّخة. حصل ذلك مباشرة بعد صدور القرار 1559 عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحـدة. إنه القـرار الذي دعا إلى انسحاب الجيش السـوري من لبنان وحل الميليشيات. لم يكن في لبنان في تلك المرحلة سوى ميليشيا مسلحة واحدة هي ميليشيا “حزب الله”. كذلك دعا القرار إلى عدم تمديد ولاية الرئيس إميل لحود الذي فرضه النظام السـوري على اللبنانيين في العام 1998 بعدما أظهر طاعة عمياء لهم ولـ“حزب الله” وللذين يقفون خلفه في طهران تحديدا.

كانت محاولة اغتيال مروان حماده في أول تشرين الأول – أكتوبر 2004، والتي نجا منها بأعجوبة، إنذارا مباشرا إلى رفيق الحريري ووليد جنبلاط وجريدة “النهار” في آن. كان مروان حماده الوزير والنائب الدرزي قريبا جدّا من رفيق الحريري ومن وليد جنبلاط، كما كان خال جبران تويني الذي قاد مواجهة مع النظام السوري عبر “النهار” في عزّ الوجود العسكري والأمني للنظام في بيروت وسائر المناطق اللبنانية. تحدّى جبران النظام السوري مباشرة، هو وسمير قصير الذي كان أول من صفّاه الذين اغتالوا رفيق الحريري بعد أشهر قليلة من ارتكاب جريمتهم.

لم تمض أربعة أشهر ونصف شهر على محاولة اغتيال مروان حماده، حتّى فُجّر موكب رفيق الحريري الذي لعب دورا محوريا في بلورة الاعتراض على الوجود السوري ومواجهة الضغوط التي كانت تمارس على اللبنانيين المطالبين بالحرية والسيادة والاستقلال.

وقبل نهاية 2005، اغتيل جبران تويني واغتيلت معه جريدة “النهار”. كان لا بدّ من الانتظار حتى أيار – مايو من السنة 2008 لتدجين وليد جنبلاط الذي فهم بعد غزوة بيروت والجبل أن الكفة تميل لمصلحة “حزب الله” في ظل غياب عربي ودولي عن لبنان وغياب الرغبة الحقيقية العربية والدولية في مواجهة المشروع التوسّعي الإيراني في المنطقة.

لا يزال لبنان في عين العـاصفة منذ ما قبل العام 2005 وصدور القرار 1559 الذي يعتبر رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون أنه وراءه. لا تزال الحاجة إلى القرار 1559 اليوم أكثر من أيّ وقت. في كلّ الأحوال، لا يزال ملفتا أن القرار 1701، الذي صدر بعد حرب صيف العام 2006 التي افتعلها “حزب الله” من أجل تمكين إسرائيل من تدمير البنية التحتية اللبنانية والتغطية على جريمة اغتيال رفيق الحريري، يشير صراحة إلى القرار 1559.

وافق “حزب الله” على كل كلمة في القرار 1701 في مقابل توقف الغارات الإسرائيلية التي تفادت بشكل واضح أي هدف داخل سوريا في سياق التفاهم السوري – الإسرائيلي في شأن تجميد جبهة الجولان وإبقاء المناوشات وتبادل الرسائل من خلال جنوب لبنان.

استخدم “حزب الله”، الذي هُزم عسكريا وانتصر سياسيا على لبنان بعد حرب صيف 2006، سياسة النفس الطويل من أجل الاستفادة من الانسحاب العسكري والأمني السوري من لبنان. صار في استطاعته، بعد صيف 2006، إحلال الوصاية الإيرانية، تدريجيا، مكان الوصاية السورية التي كان “حزب الله” شريكا فيها ولكن ضمن حدود معيّنة لا تلبّي طموحات طهران.

لم يكتف اللبنانيون بالمقاومة، وإخراج القوات السـورية من لبنان في نيسـان – أبريل من العام 2005. ذهبوا بعيدا منذ البداية في التصدي للوصاية الجديدة التي راحت تدفع في اتجاه تكريس واقع لبناني مختلف من خلال إدخال لوزير من “حزب الله” أو محسوب عليه في الحكومة التي شكلها نجيب ميقاتي والتي أشرفت على انتخابات 2005.

بين انتخابات 2005 وانتخابات 2009، ارتكب “حزب الله” كلّ الجرائم التي يمكن ارتكابها من أجل السيطرة على مجلس النوّاب.

شهدت تلك المرحلة سلسلة من الاغتيالات السياسية التي استهدفت اللبنانيين الشرفاء. من سمير قصير، إلى بيار أمين الجميّل، مرورا بجورج حاوي وجبران تويني ووليد عيدو وأنطوان غانم ووسام عيد. لم يكن افتعال قضية مخيّم نهر البارد سوى وسيلة من الوسائل التي استخدمها الحزب مع النظام السوري لمنع قيام شرعية لبنانية تقاوم الوصايات. دفع العماد فرنسوا الحاج ثمنا غاليا لرفض الجيش اللبناني اعتبار مخيّم نهر البارد “خطّا أحمر”.

تأجّل الحسم في لبنان في انتخابات العام 2009 التي خاضها سعد الحريري وانتصر فيها بعدما وظّف كلّ ما يستطيع توظيفه من أجل ذلك… بما في ذلك اللحم الحيّ. لم يستسلم اللبنانيون في تلك الانتخابات التي كان “حزب الله” يأمل في أن تنتهي لمصلحته. لكن الحزب لم يستسلم أيضا. منع بسلاحه الموجه إلى صدور اللبنانيين انتخاب رئيس للجمهورية طوال سنتين ونصف سنة بعدما أصرّ على انتخاب مرشحه.

وجّه بذلك ضربة قاصمة إلى النظام اللبناني الذي يريد التخلّص منه نهائيا عن طريق “المؤتمر التأسيسي” الذي يمكن أن يأتي بعد انتخابات 2018. لذلك ستكون هذه الانتخابات مفصلية على الصعيد اللبناني كونه يخشى من أن تـؤدي إلى فرض الوصاية الإيرانية بغطاء قانوني ودستوري على البلد.

من محاولة اغتيال مروان حماده التي كانت مجرّد إنذار إلى كلّ من يعنيه الأمر، إلى اغتيال رفيق الحريري الذي شكّل منعطفا علي الصعيد اللبناني، وصولا إلى انتخابات 2018 التي يعمل “حزب الله” من أجـل إجرائها في موعدها المقرّر، لم يستسلم لبنان. لا يزال لبنان يقاوم على الرغم من أن “حزب الله” ألغى الحدود المعترف بها دوليا بينه وبين سوريا من منطلق أن الرابط المذهبي يتجاوز، من وجهة نظره، كلّ ما عداه.

توجّب على الحزب المشاركة في الحرب على الشعب السوري كي يبقى بشّار الأسد في دمشق.

من الضروري الاعتراف العربي بضرورة عدم ترك لبنان وحيدا في معركة تبدو خاسرة سلفا من دون دعم للتيار الذي ينادي بالسيادة وما زال متمسّكا بها، خصوصا أن “حزب الله” استطاع فرض قانون انتخابي على مقاسه. الهدف الأوّل والأخير من هذا القانون الهجين الذي يعتمد النسبية تفتيت كتلة سعد الحريري من جهة، واختراق الطائفة السنّية في العمق من جهة أخرى. هل تدفع نتائج انتخابات 2018 في اتجاه جعل لبنان يستسلم نهائيا مع ما يعنيه ذلك من تغيير جلده العربي؟

هناك خوف حقيقي على لبنان الذي فقد اللواء وسام الحسن ومحمّد شطح أيضا في مرحلة ما بعد انتخابات 2009. لا يتوقّف “حزب الله” الذي يجلب حاليا زعماء ميليشيات مذهبية عراقية وسورية إلى جولات “سياحية” في جنوب لبنان عند أيّ حدود. من يتذكّر أن الحزب اعتصم في العام 2006 بعيد حرب الصيف في وسط بيروت لتعطيل الحياة فيه، أي من أجل ضرب الاقتصاد اللبناني وتهجير أكبر عدد من اللبنانيين من البلد وعزله عن محيطه العربي؟

من أجل السيطرة على لبنان يبدو كل شيء مباحا. هل يستسلم العرب، مثلما استسلم عدد لا بأس به من اللبنانيين، أم أن الرهان ما زال ممكنا على صحوة لبنانية وعربية، مهما كان ثمن هذا الرهان كبيرا ومهما كانت حظوظه ضئيلة؟ لا يزال إنقاذ لبنان يستأهل في هذه الظروف الصعبة نوعا من المجازفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أصعب السنوات المقبلة على لبنان من أصعب السنوات المقبلة على لبنان



GMT 11:42 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

أهمّية عدن

GMT 06:53 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

المريض الإيراني والعراق

GMT 09:37 2019 الأحد ,04 آب / أغسطس

عندما تعالج إيران الفشل بالفشل

GMT 11:53 2019 الأربعاء ,17 تموز / يوليو

المأزق اليمني بوجهه الإيراني

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العذراء

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

9 أسباب لفشل عمليات أطفال الأنابيب

GMT 11:09 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلويه CHLOE عطر بروح الأناقة من "نو مايد "

GMT 16:16 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

دبي تقدم أغلى عطر في العالم "شموخ "

GMT 07:03 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تذوق أشهى الأطعمة والمشروبات الساخنة في "نوفوسيبرسك"

GMT 15:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 08:39 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الياباني يوشيهيتو نيشيوكا يحصد لقب بطولة شينغن للتنس

GMT 13:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف يؤكّد أن عمر جمال يملك عرضًا للرحيل

GMT 04:51 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

تعرفي على أهم العطور المفضلة لدى المشاهير

GMT 02:00 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

ديكورات مثيرة لحمامات كلاسيكية باللون الرمادي

GMT 01:32 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

لسه فاكر

GMT 15:46 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

الكاتب مصطفى محرم يُشير إلى أقرب الأعمال إلى قلبه

GMT 05:18 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"تويوتا" FCV تستعرض تقنية خلايا الوقود وستطرح

GMT 18:18 2016 السبت ,21 أيار / مايو

بريشة:سعيد الفرماوي

GMT 16:29 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

إيطاليا تدعو إلى استئناف إنتاج وتصدير النفط الليبي دون شروط
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya