روحاني يكشف وجهه…

روحاني يكشف وجهه…

المغرب اليوم -

روحاني يكشف وجهه…

بقلم ـ خيرالله خيرالله

لم يكن ممكنا أن يمرّ الكلام الصادر عن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الذي يؤكد فيه الدور المهيمن لإيران على الصعيد الإقليمي مرور الكرام.

أكد روحاني ما سبق لمسؤولين إيرانيين أن تفاخروا به عن إيران تتحكم بقرار دول عربية عدة أبرزها العراق وسوريا ولبنان. زاد على ادعاءات المسؤولين الإيرانيين بأن تحدث عن مناطق عربية صارت تحت الهيمنة الإيرانية، مشيرا إلى الخليج العربي وشمال أفريقيا تحديدا.

ردّ على روحاني رئيس مجلس الوزراء في لبنان سعد الحريري وذلك كي يتأكّد من أن لبنان ما زال يرفض الرضوخ للإرادة الإيرانية.

تكمن خطورة كلام روحاني، وهو ليس كلاما إيرانيا جديدا من نوعه، في أنّه يصدر عن رجل يوجد من يريد الترويج له بأنّه شخص “معتدل” و“إصلاحي” مستعد لمصالحة إيران مع محيطها. يصعب بعد الكلام الذي قاله روحاني وصفه بـ“معتدل” أو “إصلاحي”. كل ما هناك أنّه مسؤول إيراني آخر يريد التباهي بأن إيران باتت تتحكم بأربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء. كلّ ما فعله الرئيس الإيراني أنه أعاد التذكير بما صدر عن مسؤولين إيرانيين احتفوا في الحادي والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014 بمدى توسّع النفوذ الإيراني بعد سيطرة الحوثيين (أنصار الله) على صنعاء.

قال روحاني بالحرف الواحد “إن أيا من العراق وسوريا ولبنان وشمال أفريقيا ومنطقة الخليج الفارسي لا يستطيع اتخاذ إجراء حاسم من دون إيران ورأيها”. على العكس مما كان يعتقد، ظهر الرئيس “الإصلاحي” في مظهر من يعمل على توسيع إطار المشروع التوسّعي الإيراني. من في الخليج العربي يقبل الإملاءات الإيرانية، وعن أي دولة في شمال أفريقيا يتحدّث روحاني؟

تبدو حصيلة كلام الرئيس الإيراني أن الرجل في حاجة إلى أن يظهر مزيدا من العدوانية لإثبات وجوده في المعادلة الداخلية الإيرانية في ظل الفشل المستمرّ لكل محاولاته الهادفة إلى الإيفاء بالوعود التي قطعها خلال الحملة الانتخابية التي أعادته رئيسا للجمهورية.

كان مهمّا أن يرد الرئيس سعد الحريري على حسن روحاني بتغريدة ورد فيها أنّ “قول روحاني إنّ لا قرار يتّخذ في لبنان من دون إيران قول مرفوض ومردود على أصحابه”. شدّد على كون “لبنان دولة عربية مستقلّة لن تقبل أي وصاية وترفض التطاول على كرامتها”. معنى ردّ رئيس مجلس الوزراء اللبناني أنه لا يزال في لبنان رجال يدافعون عن كرامة البلد في وجه المتطاولين عليها، بدل التظاهر بأنهم لم يسمعوا بكلام الرئيس الإيراني. هناك في لبنان من لا يزال يقاوم لا أكثر ولا أقل.

يمثل سعد الحريري المقاومة الحقيقية للمشروع التوسّعي الإيراني الذي رأس حربته “حزب الله”. يسعى هذا المشروع التوسعي الإيراني إلى تحويل البلد مستعمرة إيرانية تحت شعارات مزيّفة، وذلك من أجل نشر البؤس والفقر والجهل والتخلف وإثارة العصبيات المذهبية وجعل لبنان مجرد ذيل لــ“محور المقاومة والممانعة”.

إذا أكد ما صدر عن روحاني شيئا، فهو يؤكّد أن كل كلام عن وجود “إصلاحيين” و“متشددين” في إيران لا معنى له، بل إنّه ليس كلاما في محله. باختصار شديد، كشف روحاني نفسه ووجهه الحقيقي بعدما تبيّن أن ابتسامته ومحاولته لعب دور المحاور المنفتح على الآخر ليستا سوى غطاء لعدوانيته.

هناك “إصلاحيون” في إيران، لكنّ هؤلاء إما في السجن، وإما في الإقامة الجبرية، وإما يعانون من تضييق يومي عليهم. مير حسين موسوي ومهدي كرّوبي في الإقامة الجبرية، فيما يتعرّض الرئيس السابق محمد خاتمي، الذي يتمتع بشعبية واسعة في كلّ الأوساط الإيرانية، لمضايقات تحد من حرية تحركه وتمنع أي ظهور له. ما هذا النظام القوي الذي يخشى محمد خاتمي لمجرد أنّه يقول كلاما مفهوما من معظم الإيرانيين؟

الأكيد أن هناك من سيسعى إلى التخفيف من وقع كلام روحاني وإيجاد أعذار له بحجة أنّه في حاجة هذه الأيّام إلى المزايدة على “الحرس الثوري” الذي بدأت الإدارة الأميركية تعي مدى خطورته. يبقى إيجاد الأعذار لروحاني شيئا، والواقع الإيراني شيئا آخر.

يتمثل الواقع الإيراني في وجود نظام قائم على نظرية ولاية الفقيه صار “الحرس الثوري” عموده الفقري. نجحت إيران إلى حدّ كبير في نقل تجربتها إلى العراق حيث صار رئيس الوزراء حيدر العبادي مضطرا إلى الرد على وزير الخارجية الأميركي ركس تيلرسون بأن “علينا تشجيع مقاتلي الحشد الشعبي لأنهم سيكونون أملا للبلد وللمنطقة”.

ما هذا الأمل المتمثل في ميليشيات مذهبية تتلقى أوامرها من طهران، ومن “الحرس الثوري” تحديدا، وتمارس الإرهاب بأبشع أشكاله حيثما حلت. كانت ممارسات “الحشد الشعبي”، قبل أيام قليلة، في كركوك التي هُجّر منها نحو مئة ألف كردي خير دليل على “الأمل” الذي يحمله هذا “الحشد” الذي سبق له وأن كشف عن حقيقته في بغداد ومحيطها وفي الموصل، على سبيل المثال وليس الحصر. كشف عن طبيعته كأداة لممارسة كلّ أنواع التطهير السكّاني حيثما حلّ. التطهير بطابعه المذهبي أو بطابعه القومي كما حصل في كركوك.

لا حاجة إلى تكرار الكلام عن الدور الإيراني في سوريا وعن مشاركة النظام في الحرب التي يشنّها على الشعب السوري تحت غطاء مواجهة تنظيم “داعش”، ولا حاجة إلى الانتصارات التي حققتها إيران على لبنان بحجة أنّ “حزب الله” يمثل “مقاومة” في وجه إسرائيل. كلّ ما يمكن قوله حاليا أن إيران تجد نفسها في مواجهات تحديات جديدة بسبب وجود إدارة دونالد ترامب. لم يكتف الرئيس الأميركي في الخطاب الذي ألقاه في الثالث عشر من تشرين الأول – أكتوبر الجاري بشرح تفصيلي لما هي السياسة الإيرانية، معززا شرحه بالوقائع بدءا باحتجاز دبلوماسيي السفارة الأميركية في طهران في العام 1979 لمدّة 444 يوما، بل ذهب نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، إلى القول في الذكرى السنوية الرابعة والثلاثين لتفجير مقر “المارينز” قرب مطار بيروت “كان تفجير مقر المارينز بأوامر إيرانية الشرارة الأولى لانطلاق الحرب على الإرهاب. إن حزب الله جماعة إرهابية وكيلة للراعي الأساسي للإرهاب، أي إيران(…)”.

من الواضح أن حسن روحاني يقول كلاما كبيرا بسبب شعوره بعمق التغيير الأميركي في التعاطي مع إيران. من إدارة على رأسها باراك أوباما مستعدة لكلّ شيء من أجل استرضاء إيران… إلى إدارة ترامب التي لا تتردد في القول إن إيران “راعية الإرهاب في العالم”، ثمة فارق كبير.

قد تنفّذ أميركا دونالد ترامب ما وعدت به على الصعيد الإيراني، كما قد تتراجع كما فعلت إدارة دونالد ريغان بين 1980 و1988. يبقى أن الحسنة الوحيدة، إلى الآن، للإدارة الأميركية الجديدة أنها أظهرت حسن روحاني على حقيقته. إنّه فارسي آخر يكن كلّ احتقار لكل ما هو عربي في المنطقة… بدءا بالخليج، وصولا إلى شمال أفريقيا. من يقول الكلام الذي قاله لا يعرف أن المنطقة في حاجة إلى دولة إيرانية تمارس سياسة معتدلة بعيدا عن كلّ أوهام القوّة والعجرفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روحاني يكشف وجهه… روحاني يكشف وجهه…



GMT 02:32 2019 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

رأي روحاني في لبنان والعراق

GMT 04:36 2017 الأحد ,30 تموز / يوليو

روحاني يفوز وخامنئي يحكم

GMT 15:54 2017 السبت ,20 أيار / مايو

شباب إيران بين... نِفاقيْن!

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العذراء

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

9 أسباب لفشل عمليات أطفال الأنابيب

GMT 11:09 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلويه CHLOE عطر بروح الأناقة من "نو مايد "

GMT 16:16 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

دبي تقدم أغلى عطر في العالم "شموخ "

GMT 07:03 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تذوق أشهى الأطعمة والمشروبات الساخنة في "نوفوسيبرسك"

GMT 15:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 08:39 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الياباني يوشيهيتو نيشيوكا يحصد لقب بطولة شينغن للتنس

GMT 13:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف يؤكّد أن عمر جمال يملك عرضًا للرحيل

GMT 04:51 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

تعرفي على أهم العطور المفضلة لدى المشاهير

GMT 02:00 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

ديكورات مثيرة لحمامات كلاسيكية باللون الرمادي

GMT 01:32 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

لسه فاكر

GMT 15:46 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

الكاتب مصطفى محرم يُشير إلى أقرب الأعمال إلى قلبه

GMT 05:18 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"تويوتا" FCV تستعرض تقنية خلايا الوقود وستطرح

GMT 18:18 2016 السبت ,21 أيار / مايو

بريشة:سعيد الفرماوي

GMT 16:29 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

إيطاليا تدعو إلى استئناف إنتاج وتصدير النفط الليبي دون شروط
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya