هدية الملك لبنكيران

هدية الملك لبنكيران

المغرب اليوم -

هدية الملك لبنكيران

بقلم : توفيق بو عشرين

حتى وإن لم يسافر عبد الإله بنكيران إلى العاصمة السنغالية داكار، فإن هدية وصلته إلى بيته أول أمس على أثير الإذاعة والتلفزة، الذي نقل خطاب الملك محمد السادس بشأن الذكرى الـ41 لانطلاق المسيرة الخضراء من سفارة المغرب بدكار. الجالس على العرش قدم نصائح من ذهب إلى رئيس الحكومة المكلف في توقيت مناسب، حيث يعيش بنكيران على إيقاع مناورات ثلاثة أحزاب، كل واحد يربط موقفه من دخول الحكومة بالآخر. الأحرار يشترطون دخول الدستوري، والحركة تشترط دخول الأحرار إلى الحكومة لتشارك، والدستوري يقول: «شوفو مع أخنوش»، أما لشكر فلم يقدر على أكثر من جمع بنكيران مع أحزاب الكتلة حول طاولة واحدة في حفل زفاف ابنه في بوسكورة.. أكثر من هذا «الله غالب»…
النصيحة الملكية الأولى لبنكيران: لا لتوزيع المقاعد الوزارية كما توزع الغنيمة.
محمد السادس ينصح رئيس حكومته بالابتعاد عن منطق المساومات السياسية، والاتجاه إلى تشكيل حكومة «المعقول»، وهنا نقرأ في خطاب المسيرة: «إن المغرب يحتاج إلى حكومة جادة ومسؤولة، غير أن الحكومة المقبلة، ينبغي ألا تكون مسألة حسابية تتعلق بإرضاء رغبات أحزاب سياسية، وتكوين أغلبية عددية، وكأن الأمر يتعلق بتقسيم غنيمة انتخابية». هذه صفعة للأحزاب التي تريد تعطيل ميلاد الحكومة خارج أي منطق أو برنامج أو تصور سياسي.. فلو أعلنت هذه الأحزاب مواقفها بوضوح لما لامها أحد على الذهاب إلى المعارضة، لكنها أحزاب «عينها فيه وما قدا عليه»، فبالله عليك، هل لدى أخنوش والعنصر وسجيد برنامج وتصور لعمل الحكومة المقبلة متناقض مع برنامج وتصور بنكيران وشباط وبنعبد الله؟ إليكم ما قاله «الزعماء» الثلاثة في جلسات المشاورات.. أخنوش اشترط ثلاثة شروط لدخول الحكومة؛ أولها، إبعاد الاستقلال وكأنه عدو إيديولوجي، والثاني عدم منح الفقراء دعما مباشرا (ما يعني عدم رفع الدعم عن الغاز الذي توزعه شركة أفريقيا المملوكة للملياردير السوسي بشكل شبه احتكاري). أما ثالث الشروط فهو إدخال حصان الدستوري إلى الإسطبل الحكومي (شفتو على تصور برنامجي جبار للحكومة المقبلة!). العنصر، كعادته، قال إنه ينتظر الإشارات من الأعلى، ثم رجع وربط موقف حزبه بموقف الحمامة، ثم زاد في العلم وقال: “إذا دخلت الكتلة إلى الحكومة المقبلة فهناك حاجة إلى إحياء الوفاق لإحداث التوازن”، وكأن العنصر سيشارك لأول مرة في حكومة إلى جانب الاتحاد والاستقلال والتقدم والاشتراكية! هل هذا برنامج؟ هل هؤلاء القوم يريدون حكومة تستجيب لدقة المرحلة، أم إنهم مجرد «شناقة» عاقبهم الناخب يوم السابع من أكتوبر، فيردون الآن للانتقام منه.
النصيحة الملكية الثانية لبنكيران: غير هيكلة الحكومة وابحث عن الفعالية ولا ترضِ أحدا.
قال الملك في الخطاب: «الحكومة هي هيكلة فعالة ومنسجمة، تتلاءم مع البرنامج والأسبقيات، وهي كفاءات مؤهلة باختصاصات قطاعية مضبوطة». هذا معناه أن بنكيران مطالب بإعادة تفصيل هيكلة الحكومة، والبداية بتقليص عدد الوزراء إلى النصف، وجمع قطاعات كثيرة مشتتة في وزارات كبيرة، وفصل الجماعات الترابية عن الداخلية، وتكليف هذه الأخيرة بالأمن، والأمن وحده، بعيدا عن السياسة، وفصل الصيد البحري عن الفلاحة، وإحداث وزارات جديدة مثل وزارة الشؤون الإفريقية.. ثم لا بد من التشدد مع مقترحات زعماء الأحزاب بخصوص الوزراء الذين يقترحونهم. لا بد من التدقيق في الهويات المهنية والسياسية والشخصية. فمثلا، لا يمكن القبول باستوزار شخص فاشل في حياته المهنية، أو وزير ليس له من شغل إلا حمل حقيبة الزعيم والدفاع عنه بالغالي والنفيس. هذا مسار لا يصنع وزراء، بل يصنع أتباعا وكتائب، وهؤلاء مكانهم هو مقرات الأحزاب لا كراسي الوزراء (انظروا مثلا إلى الفضائح التي تفجرت في بيت الحكومة السابقة من وراء وزراء لم يدقق أحد في هوياتهم قبل أن يعبروا إلى الحكومة).
النصيحة الملكية الثالثة لبنكيران هي: السياسة الخارجية لم تعد مجالا محفوظا للقصر.
قال محمد السادس في خطاب داكار: «وإننا نتطلع إلى أن تكون السياسة المستقبلية للحكومة شاملة ومتكاملة تجاه إفريقيا، وأن تنظر إليها كمجموعة، كما ننتظر من الوزراء أن يعطوا لقارتنا الاهتمام نفسه الذي يولونه في مهامهم وتنقلاتهم إلى الدول الغربية». يجب على بنكيران أن يتخلص من تلك الفكرة التي زرعها في رأسه، والتي تقول: «على رئيس الحكومة أن يعطي التيقار للسياسة الخارجية للمملكة لأنها اختصاص حصري للملك». ها هو الملك نفسه يقول لك هيئ سياسة متكاملة تجاه إفريقيا، ووجه وزراءك إلى الاعتناء بالقارة السمراء، كما يفعلون مع القارة الأوروبية.
الحدود التي كانت في السابق بين الشؤون الداخلية والخارجية في إدارة الدول لم تعد موجودة نهائيا، من المستحيل اليوم أن نعثر على ملف داخلي خالص أو خارجي لا صلة له بسياسة داخلية. الحل هو اعتبار التوجهات الاستراتيجية للدبلوماسية المغربية من اختصاص رئيس الدولة، واعتبار إدارة الملفات اليومية من صلاحية رئيس الحكومة، وهذا هو الجاري به العمل في كل الدول الديمقراطية وغير الديمقراطية، أما ذلك السور الصيني الذي يضعه بنكيران في عقله بين الشأنين الداخلي والخارجي، فهو يضر بالمصلحة العامة للدولة ليس أكثر.
لقد عمد الملك إلى تسهيل مهمة بنكيران إلى أقصى حد، ودله على الميزان الذهبي لتشكيل الحكومة، فقال: «المغاربة ينتظرون من الحكومة المقبلة أن تكون في مستوى هذه المرحلة الحاسمة».. انتهى الكلام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هدية الملك لبنكيران هدية الملك لبنكيران



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العذراء

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 14:43 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

قائمة بأسماء أفضل المطاعم في مدينة إسطنبول التركية

GMT 23:38 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

9 أسباب لفشل عمليات أطفال الأنابيب

GMT 11:09 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلويه CHLOE عطر بروح الأناقة من "نو مايد "

GMT 16:16 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

دبي تقدم أغلى عطر في العالم "شموخ "

GMT 07:03 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تذوق أشهى الأطعمة والمشروبات الساخنة في "نوفوسيبرسك"

GMT 15:32 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع مخزونات النفط الأميركي الخام إلى 6.490 مليون برميل

GMT 08:39 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الياباني يوشيهيتو نيشيوكا يحصد لقب بطولة شينغن للتنس

GMT 13:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف يؤكّد أن عمر جمال يملك عرضًا للرحيل

GMT 04:51 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

تعرفي على أهم العطور المفضلة لدى المشاهير

GMT 02:00 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

ديكورات مثيرة لحمامات كلاسيكية باللون الرمادي

GMT 01:32 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

لسه فاكر

GMT 15:46 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

الكاتب مصطفى محرم يُشير إلى أقرب الأعمال إلى قلبه

GMT 05:18 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"تويوتا" FCV تستعرض تقنية خلايا الوقود وستطرح

GMT 18:18 2016 السبت ,21 أيار / مايو

بريشة:سعيد الفرماوي

GMT 16:29 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

إيطاليا تدعو إلى استئناف إنتاج وتصدير النفط الليبي دون شروط
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
Libya Today News
Libya Today
Salah Eldain Street
Hay Al-Zouhour
Tripoli
Tripoli, Tripoli District, 218 Libya